languageFrançais

ارتفاع استهلاك الطاقة في تونس.. هل يكون التخزين بالهيدروجين وغيره حلا؟

يعتبر عدد كبير من الخبراء اليوم أنّ عدة إجراءات لترشيد استهلاك الطاقة وتنويع مصادرها وربط الشبكات الكهربائية فيما بينها لم يحل نهائيا معضلة الارتفاع الحاد لاستهلاك الطاقة. ويعتقد الباحثون أنّه مع ارتفاع نسبة الاعتماد على الطاقات المتجددة كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح لإنتاج الطاقة الكهربائية، والتعويل عليها لتعويض المصادر التقليدية من الطاقة لم يتحقق بعد وبالشكل المطلوب وبالرغم من الانخفاض المتواصل لتكلفة الطاقات النظيفة، إلاّ أنّ مسألة عدم انتظامها ظلت معضلة كبيرة تحول دون الاعتماد عليها كليا، وهو ما يفرض اليوم تطوير تقنيات تخزين الطاقة لكي يتم الاعتماد كليا على الطاقات المتجددة في المستقبل.

وبيّن فاضل قاسمي مدير مركزي للنجاعة الطاقية والطاقات المتجددة بالمركز الفني للصناعات الميكانيكية والكهربائية CETIME خلال لقاء افتراضي للوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة أنه يمكن تخزين الطاقة باعتماد ثلاثة أشكال منها الطاقة الميكانيكية أو عبر التخزين الحراري أو التخزين بواسطة الهيدروجين. ويمكن تخزين الطاقة بالتخزين الحراري (TES) باستغلال الحرارة المنبعثة وتخزينها مؤقتا من خلال مثلا التخزين الحراري الموسمي STES حيث يستفاد من الحرارة أو البرودة بعد أشهر من تجميعها من مخلفات الطاقة أو الموارد الطبيعية ويفسر خبراء التخزين بواسطة الهيدروجين بأنها واحدة من أشكال تخزين الطاقة الكيماوية؛ و تعتمد هذه الاستراتيجية مبدأ  تحويل الكهرباء إلى هيدروجين عبر عملية تسمى التحليل الكهربائي، بغرض تحليل الماء إلى عناصره الهيدروجين والأكسجين، ثم يُخزّن الهيدروجين لاستخدامه كوقود في توليد الكهرباء أو تشغيل مركبات الهيدروجين.

وتتراوح كفاءة هذه التقنية في تخزين الطاقة بين 35٪ و 55٪ وفقًا لتقرير مجلس الطاقة العالمي لعام 2020. ولكن خلايا وقود الهيدروجين مكلفة جداً، لأنها تتطلب معادن باهظة الثمن مثل البلاتين وهناك تقنية تخزين حراري أخرى تستغل التبريد الفائق للهواء حتى يصل لمرحلة الإسالة وقد تم تطبيقها في المملكة المتحدة في 2012 كما أن شركة Highview تعتزم بناء وحدة في شمال بريطانيا بقدرة 50 ميجاوات وسعة تخزينية تتراوح بين 250-400 ميجاوات ساعة.

وتشمل أشكال تطبيق تخزين الطاقة الميكانيكية التخزين بالضخ وتخزين الهواء المضغوط والأكثر نضجا على نطاق واسع هو التخزين بالضخ مبدأها الأساسي هو استخدام الطاقة الزائدة في الوادي المنخفض لشبكة الطاقة لضخ المياه كوسط للطاقة السائلة من خزان الارتفاع المنخفض إلى خزان الارتفاع العالي وأثناء الحمل الأقصى لشبكة الطاقة ، تتدفق المياه الموجودة في خزان الارتفاع العالي مرة أخرى إلى الخزان السفلي لدفع المولد المائي لتوليد الطاقة.

يُذكر أنّ الطلب على استهلاك الطاقة في تونس يطرح يوميا هذه الخيارات حيث بينت الوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة أن تونس تسجل ارتفاعا سنويا في استهلاك الطاقة الكهربائية بنسبة 5 بالمائة في مختلف القطاعات مع ذروة الاستهلاك في الصيف هذا و تنتج تونس سنويا حوالي 19.311 ألف جيغاوات وهي أساسا من الطاقة الأولية والغاز الطبيعي  وتستأثر نسب استهلاك الطاقة خلال شهري جويلية وأوت  25 % من مجموع استهلاك الطاقة السنوي بحسب إحصائيات لسنة 2021 أوردتها الوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة ضمن لقاء افتراضي.

هذا ويحتل  قطاع البناء المرتبة الأولى في استهلاك الطاقة الكهربائية بنسبة 36 %يليه قطاع النقل بـ 32% والصناعة بـ 26% والفلاحة بـ 6% كما بينت الدراسة أنّ تونس سجلت ارتفاعا في استهلاك الطاقة الكهربائية بمعدل 140 ميغاوات بين سنوات 2002 و2023 مع ارتفاع الاستثمارات  في مجال الطاقة الكهربائية بـ 640 مليون دينار خلال الفترة المتراوحة بين سنوات  2012 إلى 2021 مع بلوغ  نفقات دعم المنتجات النفطية خلال الفترة مابين  2010 و2022 نحو 30.994 مليار دينار أي بارتفاع بـ 25% وهو ما فرض اتخاذ عدة إجراءات منها وضع إطار تنظيمي وسياسة أسعار مناسبة مع اعتماد مراقبة مستمرة باعتماد أحدث التكنولوجيات وتحسين جودة خدمة الطاقة ووضع أجهزة لمراقبة الامتثال للوائح ترشيد الطاقة مع تكثيف حملات التوعية ووضع خطط لتمويل البرامج والمشاريع المجددة في المجال والتي تعتمد تقنيات إنتاج مستحدثة  مع تعزيز إجراءات الكفاءة في الطاقة.

هناء السلطاني